تيار المناضل-ة 17 دجنبر 2020
ما أقدم عليه النظام المغربي مجاهرة بالعلاقات مع إسرائيل وترسيم لها ليس إلا. إذ أنه له تاريخ مديد من التعاون معها، منذ التواطؤ لتهجير يهود المغرب في خمسينات وستينات القرن الماضي. وقد سبق أن تراجع سنة 2000 تحت الضغط الشعبي فأغلق مكتب اتصال إسرائيلي بالرباط.
إن القرار الجديد في تعارض تام مع إرادة الجماهير الشعبية المغربية التي وقفت تاريخيا ضد الصهيونية، و إلى جانب نضال الشعب الفلسطيني من أجل تحرره. وهو تعبير عن طابع النظام الاستبدادي، وعن صورية "مؤسساته المنتخبة"، من مجلس نواب ومجلس مستشارين، و عن كون حكومته مجرد واجهة تمويه.
جاء ترسيم التطبيع مع إسرائيل، عدو شعوب المنطقة، مغلفا باعتراف ترامب بسيادة دولة المغرب على الصحراء الغربية، هذا:
بعد عقود من استعمال قضية الصحراء آداة ابتزاز امبريالي لترسيخ النفوذ، وأيضا لإملاء السياسات الاقتصادية والأدوار في السياسة الإقليمية وبالقارة الأفريقية، سواء من قبل الاتحاد الأوروبي عامة، أو فرنسا الداعم الرئيسي الدائم للنظام المغربي.
وبعد عقود أيضا من استعمال النظام مسألة الصحراء لبناء "إجماع وطني" على الاستبداد المقنع وعلى سياسة التقويم الهيكلي.ويروم اليوم استعمال المقابل الذي حصل عليه، لقاء المتاجرة بقضية شعب فلسطين، ليواصل تمتين جبهته الداخلية، وتعزيز سياسته الأفريقية.
كما أن تعمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وطابعها التفجري في سياق جائحة كوفيد-19، تدفع النظام في هذا الاتجاه لتطلعه إلى لتنفيس الوضع بجذب الأموال من الخارج (المساعدات والاستثمارات والقروض)...
ومن جانبها، تصر الإمبريالية الأمريكية على تسريع تطبيع الأنظمة العربية مع إسرائيل، تعزيزا لموقعها ضمن تنافس الامبرياليات على منطقة الشرق الأوسط الغنية نفطا لا يزال مصدرا هاما للطاقة وللأموال الناتجة عنه المستثمرة في سندات الخزينة الأمريكية، وكذا لغاية كبح إيران... فضلا عن غايات ترامب العازم على تثبيت قاعدته الانتخابية الواسعة، وخلق مصاعب للإدارة الجديدة، على أمل عودة للرئاسة في الانتخابات المقبلة، وأيضا دعم لحليفه اليميني نتنياهو المهدد بملاحقات قضائية متى غادر رئاسة الحكومة الإسرائيلية.
القضية الفلسطينية قضية كل شعوب المنطقة، لأن إسرائيل قاعدة متقدمة للامبريالية لحراسة مصالحها بمنطقة الشرق الأوسط الإستراتيجية الغنية بالمحروقات والمشرفة على محاور ملاحية رئيسية، هنا سر الدعم الإمبريالي الدائم لإسرائيل وكدا دوافع العلاقات الخفية والعلنية بين الأنظمة الرجعية التابعة و إسرائيل. وهذا ما يفسر تلاقي الثلاثي على الرغبة في تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي والعداء المشترك للسيرورة الثورية بالمنطقة.
ستظل قضية الصحراء الغربية قائمة طالما لم تحترم إرادة الجماهير المعنية، بعيدا عن مطامع الامبرياليات و ضد حسابات النظامين المغربي والجزائري. وهذا الحل الديمقراطي أحد شروط السير نحو اتحاد مغاربي للشعوب ديمقراطي متحرر من السيطرة الامبريالية ومن أنظمة الرأسمالية التابعة، قادر على تلبية تطلعات شعوبه استناد إلى ما يزخر به من ثروات مادية وبشرية عرضة الآن للاستنزاف الامبريالي برعاية برجوازيات وكيلة.
إن نضال كادحي المنطقة قد دخل مرحلة جديدة بانطلاق السيرورة الثورية من تونس قبل عشر سنوات، وتأكدت عبر هذه السيرورة، بحركات مدها وجزها الحاجة إلى أدوات نضال عمالية وشعبية ذات أفق استراتيجي كفيل بمواجهة الأنظمة الرجعية، والكيان الصهيوني، والامبريالية، هذه الكتلة المتراصة لوأد انتفاضات الشعوب.
فإلى أمام لبناء أدوات النضال تلك، وبصلبها أحزاب عمالية اشتراكية، مسلحة بدروس كفاحات الطبقة العاملة، دروس التحرر الذاتي و البناء الديمقراطي للبديل عن الرأسمالية، مفعمة بمنطق طبقي أممي.