24 أبريل 2024
تطورت الاحتجاجات داخل الجامعات، منذ الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين والتدمير المتزايد للبنية التحتية والقتل الجماعي للسكان في غزة.
جاء رد مؤيدي حرب إسرائيل باتهام المظاهرات الجامعية المؤيدة لفلسطين بأنها معادية للسامية. ومع اشتداد عمليات القتل والتدمير، ازدادت أنواع كثيرة من الاحتجاجات المناهضة للحرب في المجتمع الأمريكي، بما في ذلك في الجامعات، وكذلك ازدادت مطالب مؤيدي إسرائيل بقمع مؤيدي فلسطين من أعضاء هيئة التدريس والطلاب.
في الآونة الأخيرة، اختارت جامعة جنوب كاليفورنيا آسيا تبسم، الطالبة المسلمة الأمريكية من أصول جنوب- آسيوية لتكون الطالبة المتفوقة في دفعتها بناءً على درجاتها.
وعلى الفور تقريبًا طالبت القوى المؤيدة لإسرائيل داخل الحرم الجامعي وخارجه بحرمانها من موقعها كطالبة متفوقة، لأنها مسلمة ومؤيدة للفلسطينيين، وتعرضت هي نفسها لوابل من خطاب الكراهية.
استسلمت جامعة جنوب كاليفورنيا وأعلنت أنها لن تلقي خطابًا بمناسبة احتفالات تخرج دُفعتها. وبررت الجامعة ذلك بـ”مخاوف أمنية”، لكنها لم توضح حينها أو منذ ذلك الحين ما هي تلك “المخاوف”.
نشتر تبسم ردًا على الموقع الإلكتروني لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، ورد في جزء منه: “لست مندهشًة من أولئك الذين يحاولون نشر الكراهية. أنا مندهشة من تخلي جامعتي- التي كانت موطني لأربع سنوات- عني”.
وعلى الفور، اندلعت احتجاجات من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس. أدى ذلك إلى إلغاء جامعة جنوب كاليفورنيا إلقاء خطاب في حفل التخرج من قبل أي شخص، ثم إعلانها أن جميع المتحدثين الخارجيين، بمن فيهم أولئك الذين سيمنحون درجات فخرية، لن يحضروا، وذلك على ما يبدو خوفًا من أن يُدلوا بخطابات مؤيدة للفلسطينيين.
بعد أيام قليلة، هاجمت الشرطة احتجاجًا طلابيًا مؤيدًا للفلسطينيين على شكل مخيم أقيم في حرم جامعة كولومبيا في نيويورك، واعتقلت أكثر من 100 طالب.
فضلا على معارضة الحرب الإسرائيلية على غزة، طالب الطلاب الجامعة بسحب استثماراتها من برنامج الأسلحة الأمريكية الضخمة التي تُرسل إلى إسرائيل. وهذا هو أكبر عدد من المعتقلين في مظاهرة في جامعة كولومبيا منذ اعتقال حوالي 700 شخص خلال احتلال الطلاب المناهضين لحرب فيتنام في عام 1968.
قبل اقتحام الشرطة للحرم الجامعي، أوقفت جامعة كولومبيا ثلاث طالبات من كلية بارنارد التابعة للجامعة والتي كانت تاريخياً ذات أغلبية نسائية- إسراء حرسي ومريم إقبال وصوف دينو – لمشاركتهن في المخيم. إسراء حرسي هي ابنة النائبة في الكونغرس عن مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا، إيلان عمر، وهي واحدة من عضوين مسلمين في الكونغرس (الأخرى هي رشيدة طليب) وأول امرأة ملونة جرى انتخابها عن ولاية مينيسوتا.
فيما جرى تعليق حضور الدراسة في حق متظاهرين آخرين ليوم واحد فقط. ولا يقتصر هذا تعليق على حرمانهم من حضور الفصول الدراسية فحسب، بل يعني أيضًا حرمانهم من غرفهم في المهاجع أو وجبات الطعام في الكافتيريا.
وقد استدعت رئيسة جامعة كولومبيا، مينوش شفيق، رئيسة جامعة كولومبيا، الشرطة لفض المظاهرة. فعلت ذلك مباشرةً بعد أن استجوبتها لجنة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس التي تلاحق مسؤولي الجامعة والكليات لحظر المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين.
شهدت الشرطة نفسها أن المخيم كان سلميًا ولم يكن هناك أي عنف أو تهديدات في المخيم. وقد جرت الاعتقالات بشكل سلمي. ولم تتقدم شفيق حتى الآن بحجج موثوقة لتبرير تصرفها، ورغم ذلك وُجهت إلى النشطاء المعتقلين بتهمة “التعدي على حرم الجامعة”!
رد طلاب جامعة كولومبيا على هذا الهجوم بتنظيم فعاليات في الحرم الجامعي كل يوم منذ ذلك الحين. ومع ذلك، منعت الإدارة جميع “الغرباء” من دخول الحرم الجامعي المفتوح عادةً للزوار. أحد هؤلاء الغرباء قفز من فوق السياج للمشاركة في مظاهرة اليوم- كان كورنيل ويست، وهو ناشط أسود معروف وأستاذ في معهد اللاهوت التابع لجامعة كولومبيا.
ويست هو أيضًا مرشح مستقل للرئاسة في انتخابات نوفمبر. وقال لـ”الديمقراطية الآن” إنه يشيد بالطلاب على “نضالهم في وجه الهيمنة والاحتلال، وقيامهم بذلك بعزيمة هائلة”.
ذكرت إيمي غودمان في برنامج “الديمقراطية الآن” في 23 نيسان/أبريل:
“مع دخول العدوان الإسرائيلي على غزة يومه المئتين تنتشر احتجاجات ومخيمات التضامن مع الفلسطينيين في حرم الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، مستوحاة من مخيم التضامن مع غزة في جامعة كولومبيا”.
“هنا في نيويورك، داهمت الشرطة مخيمًا طلابيًا في جامعة نيويورك ليلة الاثنين، واعتقلت أكثر من 150 شخصًا، من بينهم طلاب و20 من أعضاء هيئة التدريس. وفي وقت سابق من يوم الاثنين، اعتقلت في جامعة ييل 60 متظاهرًا، من بينهم 47 طالبًا أقاموا مخيمًا لمطالبة الجامعة بسحب استثماراتها من مُصنِّعي الأسلحة…”.
“من بين الجامعات الأخرى التي تقام فيها المخيمات الآن جامعة ميشيغان – آن أربور، وجامعة كاليفورنيا في بيركلي، وجامعة ميريلاند، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وكلية إيمرسون في بوسطن”. اعتبارًا من 24 أبريل/نيسان، يقدر عدد المخيمات في الجامعات بالعشرات وهي في ازدياد.
هناك مبرر قُدم للدعوة إلى قمع المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين وهو أنها تهدف إلى تخويف وتهديد الطلاب اليهود في الجامعات. وقد انضم البيت الأبيض إلى هذه الجوقة. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز:
“أدان الرئيس بايدن معاداة السامية في الحرم الجامعي في بيان أصدره يوم الأحد، بعد ثلاثة أيام من اعتقال أكثر من 100 شخص كانوا يحتجون على حرب غزة في حرم جامعة كولومبيا”.
“لم يذكر بايدن في بيانه، الذي جاء كجزء من تهنئة مطولة بمناسبة عيد الفصح أصدرها من البيت الأبيض، اسم كولومبيا بشكل مباشر، لكنه قال إن هناك “مضايقات ودعوات للعنف ضد اليهود” في الأيام الأخيرة”.
وجاء في البيان: “هذه المعاداة الصارخة للسامية أمر مستهجن وخطير – ولا مكان لها على الإطلاق في الجامعات أو في أي مكان في بلدنا.
في وقت سابق من يوم الأحد [21 نيسان/أبريل]، أصدر البيت الأبيض بيانا تضمن ردًا مباشرًا على الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في جامعة كولومبيا، والتي تستمر هذا الأسبوع حيث يحتل الطلاب أرض الجامعة في خيام.
وردَ في البيان الصادر عن أندرو بيتس، نائب السكرتير الصحفي للبيت الأبيض: “في حين أن لكل أمريكي الحق في الاحتجاج السلمي، فإن الدعوات للعنف والترهيب الجسدي التي تستهدف الطلاب اليهود والجالية اليهودية هي معاداة صارخة للسامية وغير معقولة وخطيرة”.
نُظمت مظاهرة جامعة كولومبيا في نفس الأسبوع الذي شهد العديد من المظاهرات الأخرى في جميع أنحاء البلاد والتي كانت تهدف إلى تسليط الضوء على الحرب الإسرائيلية على غزة. وقد أغلق المتظاهرون طرقًا رئيسية في نيويورك وسان فرانسيسكو وطرق الوصول إلى المطارات في شيكاغو وسياتل”.
قد يشعر الطلاب المؤيدون لحرب إسرائيل بأنهم أقلية في معظم الجامعات بشكل متزايد، ولكن اتهامات العنف المعادي للسامية من قبل الطلاب المحتجين على الحرب لا أساس لها من الصحة ولا توجد أمثلة على ذلك.
ما جرى إغفاله في هذا الرواية هو أن قسمًا كبيرًا من الطلاب اليهود يشكلون جزءًا من الفعاليات المؤيدة لفلسطين وغالبًا ما يلعبون دورًا قياديًا على سبيل المثال في جامعة كولومبيا، حيث تلعب منظمة أصوات يهودية من أجل السلام دورًا قياديًا منذ تشرين الثاني/ نوفمبر، وكانت إحدى المنظمات التي حظرتها كولومبيا رسميًا في ذلك الوقت، لكن المنظمة مستمرة في نشاطها.
تصادف يوم الاثنين 22 أبريل بداية عيد الفصح اليهودي، الذي يحتفل بتحرير اليهود من مصر، وأصبح رمزا التحرر لجميع الشعوب المضطهدة. جرت الاحتفالات بعيد الفصح في العديد من الاحتلالات داخل الجامعات. وقد اعترفت صحيفة نيويورك تايمز المؤيدة بشدة لإسرائيل بذلك: “في الليلة الأولى من عيد الفصح، ترددت أصداء الترانيم من المنازل والتجمعات اليهودية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك من أماكن غير محتملة ومتنازع عليها: مركز الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في جامعة كولومبيا وغيرها من الجامعات التي تجري فيها المظاهرات”.
“عندما حل المساء على مخيم جامعة كولومبيا يوم الاثنين، تجمع حوالي 100 طالب وعضو هيئة تدريس في دائرة حول قماش القنب الأزرق المكدس بصناديق من الماتزو والطعام الذي أعدوه في مطبخ الكوشر. ارتدى بعض الطلاب الكوفية، الوشاح الفلسطيني التقليدي، بينما ارتدى آخرون القلنسوة اليهودية. وقاموا بتوزيع الهاغادا المصنوعة يدويًا- كتب صلاة عيد الفصح- وقرأوا الصلوات باللغة العبرية، مع الالتزام بالترتيب التقليدي”.
فكرة أخيرة. كان هناك العديد من المعلقين الذين أثاروا التشابه بين هذه الاحتجاجات وتلك التي حدثت في الستينيات. هل نشهد موجة جديدة من التجذر الطلابي؟
رابط المقال الأصلي: هنا
ترجمة المناضل-ة