دور الأممية الرابعة ومهامها مقرر مؤتمر الأممية الرابعة العالمي السادس عشر
- نشهد وضعا مطبوعا بامتزاج غير مسبوق تاريخيا لأزمة اقتصادية شاملة و أزمة بيئية على صعيد الكوكب، أزمة متعددة الأبعاد تطول الحضارة الرأسمالية و البطريركية. وهذا انعطاف كبير. تدل هذه الأزمة المزدوجة على إفلاس النظام الرأسمالي، وتضع على جدول الأعمال إعادة تنظيم الحركة العمالية المناهضة للرأسمالية وإعادة بنائها. وستوتر كل العلاقات الاجتماعية والاقتصادية وتتضاعف الاصلاحات الليبرالية المضادة ضد الطبقات الشعبية. و ستستهدف تلك الهجمات بوجه خاص النساء بالنظر الى كون وضعهن اسوأ أصلا (نسبة الفقر، والبطالة، والهشاشة اكبر مما لدى الرجال) والى ما سيلقى على كاهلهن من تعويض لتقليص الخدمات العامة والنفقات الاجتماعية بزيادة عملهن المجاني داخل الأسرة. وقد تتكاثر النزاعات والحروب.
وستستعمل الاصولية الدينية أكثر فأكثر اسمنتا ايديولوجيا ليس للهجمات ضد الطبقات الشعبية وحسب، بالنيل بوجه خاص من امكانات تحكم النساء باجسادهن، بل ايضا للحروب والنزاعات بين البلدان والمجموعات العرقية. وستعصف الكوارث البيئية بملايين البشر، لا سيما في افقر المناطق، مدهورة على نحو غير متناسب وضع النساء بما هن مسؤولات عن الأسرة.
انها بداية حقبة تاريخية جديدة. وتلوح علاقات قوى جديدة بين القوى الامبريالية في الاقتصاد والسياسة العالميين، مع بزوغ قوى رأسمالية جديدة مثل الصين، وروسيا، و الهند، والبرازيل. إن تضافر تراجع الهيمنة الأمريكية و تفاقم التنافس الرأسمالي بين اوربا وروسيا و آسيا والولايات المتحدة له ايضا مستتبعات جيواستراتيجية في تشكلات سياسية وعسكرية جديدة، مع دور متنام لحلف شمال الأطلسي و توترات دولية جديدة. ولقد عوضت الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الأخيرة ما لحقها من إضعاف اقتصادي و ذلك باعادة نشر هيمنتها العسكرية في ربوع العالم. و افضت التناقضات الاجتماعية والاقتصادية بالولايات المتحدة الأمريكة الى افقاد الفريق الجمهوري الملتف حول ج.و. بوش الاعتبار. و ردا على فقد الاعتبار هذا كان انتخاب أوباما كحل بديل للامبريالية الامريكية، رغم ان انتخابه كان، بالنسبة لقسم من المجتمع الأمريكي، تعبيرا عن تطلع فعلي الى التغيير سيكون مآله الخيبة.
في الخلاصة، تعبر الأزمة عن فشل النيوليبرالية، رغم ان ميزان القوى يظل لصالح الرأسمال. وبصفتها ايديولوجية تظهر النيوليبرالية عاجزة عن ايتيان حل، وهذا ما يجعل اقتراحات مجموعة العشرين الكبار G20 عودة الى الماضي ستتناثر مع الازمة. وقد أُعلنت نهاية اجماع واشنطن، لكن مع وضع صندوق النقد الدولي في مركز القرارات فيما نظام أولوياته نيوليبرالي باجلاء.و ستتجه كل التناقضات الملازمة لهذا النظام الى التوتر دون ان تستطيع الاشتراكية الديمقراطية و يسار الوسط اتيان جواب ملائم. وحتى الوصفات الكينزية الجديدة – التي لم يجر تبنيها- لن تكفي لحل الأزمة.
و للأزمة مفعول قاس بوجه خاص على النساء والاقليات الجنسية المقصية من الأسرة( او التي تختار الا تعيش فيها)، والمحرومة على هذا النحو من مواردها. وتدفع الكثير من الاشد عرضة للتهميش، مثل مزدوجي النوع transgenres، الى فقر ادقع. ويصح الأمر بوجه خاص بالبلدان التابعة حيث "دولة الرعاية" ضعيفة او منعدمة.
- تواصل اشكال المقاومة الاجتماعية تناميها على صعيد الكوكب، لكن على نحو متفاوت جدا و تظل دفاعية الطابع. و قد فقدت حركة العولمة البديلة ما شهدت من اندفاع حتى سنة 2004. بيد أن نجاح المنتدى الاجتماعي في بيليم عام 2009 يدل على الحاجة الى تضافرات دولية وعلى إمكانها، لكن في اطار اكثر تشظيا و تشتتا. و يدل نجاح تعبئات في أوربا ضد قمة G20 وضد حلف شمال الاطلسي على تجدد حركة العولمة البديلة (من أجل عدالة شاملة). وقد يكون المنتدى الاجتماعي باسطمبول حدثا هاما.
وقد تكون المبادرة المشتركة للمسيرة العالمية للنساء في 2010 مرحلة اضافية في اعادة بناء الحركة النسوانية العالمية وتعزيزها.
- في بعض بلدان أوربا – فرنسا، اليونان، المانيا، بولونيا، ايطاليا- كان للنضالات الاجتماعية وزن مركزي في الساحة السياسية، لكن تلك النضالات لم تكف لقلب الميول الوازنة المميزة للهجوم الرأسمالي و مفاعيل الأزمة. ولا تتمكن من تخطي سيرورة انقسام طبقة الأجراء و تشظيها. وتظل تلك النضالات دفاعية. ولا تجد بعدُ انعكاسا على صعيد وعي مناهض للرأسمالية. وقد تتعزز في هذا الاطار، وفي غياب حضور قوي لليسار المعادي للرأسمالية، البدائل والاتجاهات الرجعية ، وحتى الكارهة للأجانب و العنصرية.
- تتواصل في الشرق الأوسط مقاومة الشعوب للاحتلال و للتعديات الغربية و الاسرائيلية في فلسطين والعراق و في لبنان. ولم يتمكن العدوان القاتل الذي شنته الحكومة الصهيونية على غزة في يناير 2009، بعد سنتين من العدوان على لبنان، من القضاء على المقاومة. و برغم أن حركة حماس وحزب الله يمثلان اليوم المرجعيات السياسية الرئيسية في تلك المقاومة، ثمة خارج هاتين المنظمتين تيارات يسارية لا تضع نضالها في منظور التحرر الوطني وحسب، بل حتى من أجل التحرر الاجتماعي رافضة استغلال الانسان و لا سيما الميز ضد النساء. هذه الموقف هو ما يجب علينا ان نوطد.
- ما تزال امريكا اللاتينية تمثل مركز مقاومة النيوليبرالية. انها القارة حيث الاوضاع الاشد تفجرا، رغم تفاوتها حسب البلدان. و تعيش فنزويلا و بوليفيا والاكوادر سيرورات تجذر كبيرة و قطع جزئي مع الامبريالية، ادت الى بعض اوجه التقدم الهامة، على صعيد الحكومة و / أو الحركات الاجتماعية. و ثمة بلدان اخرى يصعب تشخيص وضعها، مثل باراغواي. و كلها تتخذ كوبا مرجعا. و تحافظ بلدان اخرى على تنويعات سياسية للنيوليبرالية، مثل النزعة التنموية الجديدة بالارجنتين او مثل الليبرالية الاجتماعية في اوروغواي و البرازيل. ورغم ما لها من تناقضات مع الولايات المتحدة الامريكية، لا سيما سياستها الدفاعية، و انتماءها الى اتحاد أمم امريكا الجنوبية Unasur واتفاقاتها مع فنزويلا، يشارك البرازيل في سياسات أساسية مع واشنطن و تتطلع الى تبوؤ موقع زعامة اقليمية. هذا فيما تظل كولومبيا والبيرو و الشيلي و المكسيك نيوليبرالية بكل تأكيد.
- لكن وضعا سياسيا جديدا َيمثل مع التهديد الامبريالي المجدد بالمنطقة، وحضور الاسطول الرابع، وانقلاب هوندوراس، و إقامة سبع قواعد عسكرية جديدة في كولومبيا، وتدخل السفارة الامريكية المباشر في اهم نزاع نقابي منذ سنوات بالارجنتين، والتدخل السياسي والعسكري في هايتي... انه سعي الى القطع مع اوجه التقدم السياسي الراهنة التي تضع على جدول الاعمال الحاجة الى بناء رد عالمي.
- يسستبع هذا ان صراع الطبقات سيحتد بامريكا اللاتينية قريبا. تشهد حكومات فنزويلا و ايكوادور تراجعا قياسا على اقتراحاتها الاكثر جذرية، مبرزة بوجه خالص وجهين باعثين على القلق: التوجه نحو نماذج استخراحية للمواد الطبيعية و ضآلة المشاركة الديمقراطية للقطاعات الاجتماعية. وثمة في بوليفيا تجذر لسيرورة التغيير بفعل استمرار الحركات الاجتماعية و وما تمنح من دعم.
- وغم انطواء السيرورات على نزاعات، مع اوجه تقدم وتراجع، فانها قد لا تسير بالضرورة نحو مواقف مناهضة للرأسمالية خلال تطورها، ما عدا في حال تعزز النشاط الذاتي للاجراء و للشعوب الاصلية وقطاعات اجتماعية مضطهدة و ضغط أقوى من قبل هؤلاء على الحكومات كما في فنزويلا و بوليفيا وايكوادور.
ان تجذر الحركات الاجتماعية، مع وزن خاص لنضال حركان السكان الاهالي و الفلاحين، يمارس ضغوطا على الحكومات آنفة الذكر، و يمثل في الآن ذاته منظورا بموقف واضح مناهض للراسمالية مدافع عن الموارد الطبيعية: الارض ، الماء، التنوع الأحيائي، الخ وتغيير نموذج التنمية، كما جاء في تصريح تجمع الحركات الاجتماعية المنعقد اثناء المنتدى الاجتماعي في بيليم وكذا الاجتماع الاخير للتحالف البوليفاري من أجل امريكانا- اتفاق تجارة الشعوب l’Alba TCP الذي ندد في تصريحه الأخير بالرأسمالية ودعا الى تجاوزها. و تمثل اللقاءات الوطنية والاقليمية والدولية للحركات الاجتماعية مثالا عن الكمون الجذري في المنطقة الجنوبية لامريكا اللاتينية.
تتمثل احدى المهام السياسية الملحة بالنسبة للمنظمات في حفز وتفعيل نشاط الجماهير الذاتي، وتعميم الرقابة العمالية وخلق ادوات سلطة شعبية. وما لم يجر ذلك يظل الأكثر احتمالا في فنيزويلا و ايكوادور هو خطر تراجع نهائي و توطد للرأسمالية القائمة، فيما توجد هذه البلدان اليوم في وضع مواجهة معها.
يجب على فروع الأممية الرابعة ومجموعاتها بامريكا اللاتينية أن تأخذ بالحسبان ميول التطور هذه وراهنية المسألة القومية بالمنطقة و ترابط مناهضة الامبريالية ومناهضة الرأسمالية. وعليها أن تحدد تكتيك التدخل في سيرورة حيث يظهر الترابط متلاقيا احيانا ومتناقضا أحيانا أخرى، بين الدول التي اندمجت في التحالف البوليفاريALBA و الحركات الاجتماعية مع تجارب قوية للتنظيم الذاتي و التسيير الذاتي. يستوجب هذا التكتيك الدفع بالمطالب و بالنضالات الوحدوية دفاعا عن الشعوب الاصلية، ورفض تجريم الاحتجاج، والخصخصة، و فرط استخراج الموارد الطبيعية، و الذكوية و الازمة الاقتصادية و البيئية، بحفز النقاش السياسي الاستراتيجي بصدد السلطة و الهيمنة في مجتمعاتنا.
- في جملة بلدان رأسمالية جرت العادة على تسميتها بالصاعدة أو ناتجة عن إعادة الرأسمالية – الصين ، روسيا- يميل إعصار العولمة الى بلترة مئات ملايين البشر. لكن هذه القوة الاجتماعية الجديدة، التي قد تقوم بدور أساسي في السنوات المقبلة، لم تتزود بعدُ بمنظمات نقابية و جمعيات، و منظمات سياسية مستقلة جماهيرية في مستوى رهانات اعادة التنظيم العالمية هذه.
- يتفاقم نهب الموارد في افريقيا لفائدة المقاولات الرأسمالية الكبيرة بتواطؤ السلطات القائمة. و لا يفيد التقدم المستمر للنتاج الداخلي الاجمالي في افريقيا جنوب الصحراء السكان، ووحدها التفاوتات الاجتماعية تتزايد. و قد جرت، بوجه تدهور شروط الحياة، نضالات كبيرة، مثل الاضرابات العامة في غينيا، ومظاهرات الطوغو، و الاضراب العام بالوظيفة العمومية في جنوب افريقيا. و ادت الازمة الغذائية في نهاية 2008 الى تعبئات عديدة. لكن غياب بديل سياسي يحول دون نجاح تلك النضالات، كما في غينيا او الكامرون: فهي إما ان تحرف نحو تشكيلات برجوازية شعبوية، كما الامر في مدغشقر، او تضل في مآزق دينية، مثما الأمر في نيجيريا او الكونغو، او اسوأ من ذلك في مآزق عرقية و عنصرية كما في كينيا او جنوب افريقيا. يظل بناء منظمات عمالية وشعبية ديمقراطية ضرورة مطلقة لنجاح النضالات.
- في آسيا، يثير تطور الرأسمالية القوي الجاري في الصين و الهند، وكذا بعدد من بلدان الجنوب الشرقي، مسائل سياسية حاسمة. إن زهاء نصف الطبقة العاملة العالمية يعيش في آسيا، ومن ثمة الأهمية الحاسمة لخلق وتعزيز الاحزاب الثورية بهذه القسم من العالم.
و تكتسي الصين أهمية فائقة. وتفسر عقود من القمع لماذا يجب ان ينطلق من جديد بناء حزب ثوري من الصفر. سيكون ضروريا مد الصين بتجربة دالحركة العمالية العالمية وتقاليدها لحفز خلق حزب ثوري وكذا التضامن العالمي. يجب على الأممية الرابعة ان تولي إهتماما خاصا للتطورات السياسية و الاجتماعية التي قد تنتج في مستقبل قريب عن الازمة العالمية الراهنة.
أما في الهند، حيث سيفوق عدد السكان نظيره بالصين في العام 2050، وحيث رفع التصنيع الأسرع عدد العمال و فاقم الازمة القروية، فإن الوضع السياسي ومهامنا مغايران. إن الحركة العمالية الهندية بالغة التطور ومنظمة لكنها تحت هيمنة احزاب ستالينة او ماوية. و بناء حزب ثوري مدافع عن برنامجنا غير ممكن بتجاهلها.
و في جنوب شرق آسيا الوضع متفاوت جدا. ففي بعض البلدان، مثل تايلاند او بيرمانيا، تظل الحركة العمالية بالغة الضعف. فو لا توجد بهذه البلدان حركة اشتراكية ديمقراطية و لا اأحزاب يسارية جذرية. وتتمثل مهمتنا بها في ربط اوثق العلاقات مع الحركات الاجتماعية النشيطة في الدفاع عن الفلاحين و النساء والعمال حيث توجد نقابات. وتوجد اندونسيا و ماليزيا في وضع وسيط.، حيث ثمة بعض الاحزاب الثورية الصغيرة بوسعنا ان نبدأ معها نقاشا سياسيا بناء وتعاونا.
و للأممية الرابعة في باكستان والفلبين منظمات قوية بامكانها ان تكون قاعدة نشاطنا السياسي في آسيا برمتها. و نواجه بهذه البلدان السلفية الاسلامية. إننا نتعارض مع طالبان في افغانستان ومع المتطرفين المسلمين( مثل ابو سياف) في الفلبين لأنها قوى رجعية لا يمكن ان نقيم معها أي اتفاق باسم مناهضة الامبريالية. و قد نتواجه في بلدان اخرى، مثل اندونيسيا او ماليزيا، مع السلفية الاسلامية وعلى الأممية الرابعة ان تعزز تحليلها.
انزلت الحكومة في سريلانكا، بعد عقود حرب عديدة، هزيمة عسكرية بحركة نمور التاميل LTTE ، لكن المشكل القائم في جذر المسألة التامولية لم يحل. ومن جهة اخرى تستعمل حكومة راجاباكسا القمع العنيف لإسكات معارضيها ووسائل الاعلام. يجب على الأممية الرابعة ان تشارك في الحملة الدولية للتضامن مع شعب التاميل.
في آسيا برمتها، تدافع الأممية الرابعة عن حقوق المجموعات العرقية و الشعوب الأصلية و تساند النضال منن اجل تقرير المصير.
في اليابان، تجري عملية اندماج منظمتين مرتبطتين بالأممية الرابعة ، و عما تصدران منذ سبتمبر 2009 جريدة مشتركة.
ثمة في كوريا الجنوبية ايضا، حيث الحركة العمالية قوية، تلاق بين مختلف القوى من أجل بناء حزب جديد مناهض للرأسمالية. وبما ان لهذا البلد تقاليد قوية في النضال الطبقي العمالي، يجب على الأممية الرابعة أن تتابع هذا الحدث باهتمام. هذا علاوة على وجوب تنظيم حملات تضامن للدفاع عن مناضلي الاحزاب الثورية المقموعين حاليا .
- تغير دينامية العولمة الرأسمالية و الازمة الراهنة اطار تحول اليسار التقليدي وتطوره. فقد تقلصت جدا هوامش المناورة لدى البيروقراطيات الاصلاحية. و بتحولها من الاصلاحية بلا اصلاحات الى اصلاحية مع اصلاحات مضادة، تشهد الاشتراكية الديمقراطية او قوى معادلة في جملة بلدان تابعة او نامية تطورا نحو الليبرالية الاجتماعية، أي ان هذه القوى تتحمل مباشرة مسؤولية السياسات النيوليبرالية والمحافظة الجديدة. إن كل القوى، المرتبطة الى هذا الحد او ذاك سياسيا أو مؤسسيا بالاشتراكية الليبرالية او بيسار الوسط – وكذا الحركة النسائية لا سيما عبر الاشكال الممأسسة للمنظمات غير الحكومية، وجمعيات التعاضد النسائي، الخ- مجرورة في هذه التغيرات النوعية للحركة العمالية، وعاجزة على صياغة مشروع خروج من الأزمة. و شهدنا فضلا عن ذلك سياسات تفاقم الازمة البيئية مثل التي ينهج لولا في الببرازيل. إن مواجهة هذه الاحزاب أصعب بالنظر الى استمرار تحكمها، لا سيما الانتخابي، بقسم من الحركة العمالية، ولذا يجب بناء بديل سياسي حقيقي يكون ذي مصداقية.
تواصل الاحزاب الشيوعية التقليدية انحدارها المديد. وتحاول وقفه بالتمسك بالقوى السائدة في اليسار الليبرالي وبالاجهزية المؤسسية، او تنطوي على مواقف حنين وهوية. ان كانت ثمة قطاعات او تيارات تسعى الى بناء حركات اجتماعية مع قوى مناهضة للراسمالية، كما الأمر في حالة سيناسبيسموس في اليونان، يفضي بها الأمر الى تناقضات او تقصفات بسبب طبيعتها الاصلاحية.
في الواقع، لا يعني قرار بناء احزاب مناهضة للرأسمالية اننا لا ندرك وجود تيارات اصلاحية يسارية، جذرية و مناهضة لليبرالية، تقوم بدور وتحافظ على مصداقية انتخابية. لهذا تظل قوى منافسة و /أو معارضة سياسيا. وقد يتعزز وجودها بانعطافات يسارية تكتيكية، انتخابية في الغالب. وغالبا ما يكون هدف الاشتراكية اللليبرالية استعادة ثقة الطبقة العاملة و القطاعات الشعبية. يفرض علينا هذا الوضع الانكباب على تحدي تحقيق سياسة جبهة وحيدة هجومية، قادرة على الاستجابة لحاجات كل الاجراء –ة . و عندما نقرر على قاعدة شروط سياسية واضحة التدخل داخل احزاب مناهضة لليبرالية و اصلاحية يسارية( كما في حالة دي لانكه بالمانيا)، فإننا نقوم بذلك بلا وهم حول طبيعة تلك الاحزاب مع العمل لبناء اتجاهات مناهضة للرأسمالية مرتبطة بالحركات الاجتماعية، تحارب النزعة الانتخابوية، والمأسسة ومحاولات المساومة مع الرأسمالية .
- نريد ان ننخرط في إعادة تنظيم حركة عمالية مناهضة للرأسمالية من أجل خلق يسار جديد في مستوى تحدي هذا القرن و إعادة بناء الحركة العمالية، وبنياتها، ووعيها الطبقي، واستقلالها إزاء البرجوازية على الصعيد السياسي و الثقافي:
- يسار مناهض للرأسمالية، وأممي، و بيئي، و نسواني،
- يسار بديل بجلاء للاشتراكية الديمقراطية و لحكوماتها
- يسار يناضل من اجل اشتراكية القرن 21، المسيرة ذاتيا والديمقراطية والمسلحة ببرنامج مطابق لبلوغ ذلك الهدف’
- يسار مدرك بأن بلوغ هذا الهدف يستدعي القطع مع الرأسمالية و منطقها، ومن ثمة عدم المشاركة مع الممثلين السياسيين الذين لا يريدون القطع مع الرأسمالية في تسيير ما يُراد محاربته’
- يسار تعددي و راسخ في الحركات الاجتماعية وفي عالم الشغل، ودامج لكفاحية العمال، ونضالات تحرر النساء، وحركة المثليين والنضالات البيئية’
- يسار غير مؤسسي يبني إستراتيجيته على التنظيم الذاتي للبروليتاريا ولكافة المضطهدين-ت وفق مبدأ تحرر العمال من صنع العمال أنفسهم’
- يسار يحفز كل أشكال التنظيم الذاتي للعمال وللطبقات الشعبية، ويحفز لديهم قدرة التفكير واتخاذ القرار والعمل لحسابهم الخاص
- يسار يدمج القطاعات الاجتماعية الجديدة، والمواضيع الجديدة مثل المعبر عنها في المنتديات الاجتماعية العالمية، لا سيما الخاصة بالأجيال الجديدة لأن الجديد لا يخلق من القديم فقط،
- يسار أممي ومناهض للامبريالية يناضل ضد الهيمنة والحرب، ومن أجل تقرير مصير الشعوب و يرسم إطارا لمنظمة أممية جماهيرية و ديمقراطية
- يسار قادر على ربط الإرث الثمين للماركسية النقدية والثورية مع البلورة الفكرية النسوانية و الاشتراكية البيئية أو بلورات حركات السكان الأصليين بأمريكا اللاتينية
- يسار مستقل وطبقي يناضل من اجل أوسع وحدة عمل ضد الأزمة ومن اجل حقوق العمال والمضطهدين- ت ومكاسبهم وتطلعاتهم.
- هذه هي معايير المضمون النوعي لوجهة نظرنا لبناء أدوات سياسية جديدة مناهضة للرأسمالية مفيدة لمحاربة النظام الراهن.
-
- في هذا المبتغى تُطرح مشاكل بناء الأممية الرابعة، وأحزاب مناهضة للرأسمالية جديدة و تجميعات عالمية جديدة . وقد عبرنا عنها منذ 1992 ، وبالتالي في المؤتمرين الأخيرين، بصيغة "حقبة جديدة، برنامج جديد، حزب جديد" المعروضة في نصوص الأممية. نؤكد جوهر اختيارات مؤتمرنا العالمي الأخير في العام 2003 حول بناء أحزاب مناهضة للرأسمالية عريضة. إن الأممية الرابعة تواجه، إجمالا، طورا جديدا. يجب على المناضلين والأنوية والمنظمات الماركسية الثورية أن تطرح مشكل بناء تشكيلات سياسية عريضة، مناهضة للرأسمالية، و ثورية في منظور تمثيل سياسي جديد للعمال مستقل يراعي تنوع الطبقة العاملة ( ميز حسب النوع والعرق و التوفر على أوراق ثبوتية أو لا، وأشكال ميز حسب العمر و التوجه الجنسي)، ويدافع بحزم عن برنامج طبقي.
-
إن بناء أحزاب مناهضة للرأسمالية عريضة يمثل جوابنا الراهن على أزمة الحركة العمالية واليسار وعلى الحاجة إلى إعادة بنائها. يستند هذا المشروع على النضالات الجماهيرية، ومركزية الحركات الجماهيرية و بزوغ جيل جديد. طبعا،هذا لا يلغي هويتنا الماركسية الثورية والبيئية و النسوانية و الأممية و هدفنا الأساسي المتمثل في إطاحة الرأسمالية من اجل إقامة سلطة جديدة على أساس الديمقراطية و المشاركة المباشرة أي ديمقراطية اشتراكية حقيقية.
يصح هذا على صعيد كل بلد وعلى الصعيد العالمي. على قاعدة تجربة الصراع الطبقي، وتطور حركة العولمة البديلة، ونضالا المقاومة و التعبئات المناوئة للحرب في السنوات العشر الأخيرة، لا سيما على قاعدة دروس تطور حزب شغيلة البرازيل وحزب إعادة البناء الشيوعية بايطاليا، ونقاشات اليسار المناهض لليبراية بفرنسا، انخرط الماركسيون الثوريون في السنوات الأخيرة في بناء حزب الحرية و الاشتراكية بالبرازيل واليسار النقدي بايطالي وحزب مناهضة الرأسمالية الجديد بفرنسا و ريسبيكت Respect في انجلترا وحزب العمل البولوني. كما واصلنا، وفق هذا المنظور، تجارب بناء كتلة اليسار في البرتغال و التحالف الأحمر الاخضر في الدنمرك. و يتمثل الهدف المشترك، باختلاف السبل، في أحزاب مناهضة للرأسمالية عريضة. ليس المقصود استعادة الصيغ القديمة لتجميع التيارت الثورية وحدها.
إن الطموح يتعدى تجميع القوى الثورية. يمكن أن تكون هذه نقطة ارتكاز لعملية التجميع هذه بشرط توجهها الواضح نحو بناء تلك الأحزاب المناهضة للرأسمالية. ليس ثمة نموذج لأن كل عملية تجميع تراعي الخصوصيات وميزان القوى الوطنيين، لكن يجب أن يكون هدفنا السعي إلى بناء قوى سياسية عريضة مناهضة للرأسمالية ومستقلة عن الاشتراكية الديمقراطية وعن يسار الوسط، أي تشكيلات ترفض كل سياسة مشاركة آو مساندة لحكومات التعاون الطبقي- أي اليوم حكومات مع الاشتراكية الديمقراطية ويسار الوسط- ، قوى تدرك أن تحقيق انتصارات تتعلق بحقوق النساء، مثل الاستفتاء حول الإجهاض في البرتغال،يعزز معسكر مناهضي الرأسمالية. هذا هو المنظور الذي يجب ان يحكم توجهنا.
وما نعلم عن تجارب التوضيح وإعادة التنظيم في إفريقيا وآسيا يصب في الاتجاه عينه. لكن في بلدان جنوب امريكا اللاتينية، يجب ان يدمج بناء أحزاب مناهضة للرأسمالية منذ البداية تبنيا واضحا للاشتراكية. عبر هذه العملية يمكن أن نشهد نموا جديدا.
وحيث نعمل داخل قوى سياسية عريضة، يتعين النضال من اجل حق التنظيم الذاتي، داخل تلك الأحزاب، للنساء و للمثليين جنسيا، وان يرد هذا التنظيم الذاتي في برامجها وفي ممارستها السياسية. هذا التنظيم الذاتي وسيلة لمقاومة ضغوط الانتخابوية والنزعة المؤسسية. الحق في التنظيم الذاتي هام في التشكيلات السياسية الراديكالية الجديدة ببلدان عديدة بأمريكا اللاتينية بهدف النضال من اجل اشتراكية القرن 21 انطلاقا من القاعدة وضد الميول السلطوية والجنوح إلى إعادة ارتكاب أخطاء القرن 20 . بوجه عام ننطلق داخل تلك القوى من فهم مرتبط برؤيتنا للاشتراكية وبضرورة جواب حازم وجماعي على كل تجليات الميز الجنسي والعرقي والكاره للإسلام و المعادي للسامية و المعادي للمثلية الجنسية. كما نناضل من اجل ايلاء اهتمام خاص لتنظيم الشباب ومن اجل دمج إشكاليات النساء والمثليين-ة ومزدوجي-ة النوع و المهاجرين والسود في المواقف السياسية للحزب و في التدخل اليومي ومن اجل تمثيل الرفاق المضطهدين على نحو خاص في قيادة الحزب، وضمن الناطقين باسمه و في الترشيح إلى هذه الوظائف.
-
-
- هوذا الإطار الذي يتعين علينا ان نتناول فيه العلاقات بين بناء الأممية الرابعة و سياسة تجميع مناهض للرأسمالية على الُصعد للوطنية والقارية والعالمية. يجب نقاش كيفية تعزيز الأممية الرابعة وتحويلها لجعلها أداة فعالة في منظور تجمع عالمي جديد. كنا بدأنا نقيم ندوات لليسار المعادي للرأسمالية وندوات عالمية أخرى، لكن بنتائج محدودة. وعلى الصعيد العالمي، ضاعفنا على قاعدة هذه السياسة الندوات ومبادرات التلاقي و التجميع العالمي: بناء اليسار المعادي للرأسمالية بأوربا، مع كتلة اليسار البرتغالية والتحالف الأحمر الأخضر الدانمركي، و الحزب الاشتراكي الاسكتلندي. واشتغلنا مع منظمات مثل حزب العمال الاشتراكي البريطاني. كما شاركت بتلك الندوات أحزاب أخرى – إصلاحية يسارية حتى- كان لها في لحظة ما تطور سياسي "يساري" مثل حزب إعادة البناء الشيوعية الايطالي او سيناسبيسموس باليونان.كا نظمنا ندوات عالمية لمنظمات ثورية ومناهضة للرأسمالية أثناء المنتديات الاجتماعية العالمية و في مومباي بالهند او بورتو اليغري و بليم بالبرازيل. ونسجنا على هذا الصعيد علاقات تضامن مع حزب الحرية والاشتراكية بالبرازيل في قطعه مع حزب الشغيلة البرازيلي بقيادة لولا. وساندنا جهود رفاقنا الايطاليين لبناء بديل مناهض للرأسمالية عن سياسة قيادة حزب إعادة البناء الشيوعية بايطاليا. تبرز هذه العناصر طراز التوجه الذي نريد تطبيقه. وعلى هذا النحو تدل مختلف الندوات المنعقدة في العامين 2008 و 2009 ضرورات وإمكانات عمل ونقاش مشتركين لعدد هام من المنظمات والتيارات المناهضة للرأسمالية بأوربا. يجب الآن مواصلة سياسة اجتماعات وندوات مفتوحة حول مواضيع تفكير استراتيجي و برنامجي و أعمال مشتركة عبر حملات أو مواعيد تعبئة دولية.
- قامت الأممية الرابعة و فروعها وستواصل القيام بدور أساسي في الدفاع عن برنامج مطالب مستعجلة لكن أيضا انتقالية نحو الاشتراكية، وفي الدفع بهكذا برنامج و تطبيقه، وعن سياسة جبهة موحدة ترمي إلى تعبئة جماهير العمال ومنظماتهم، وسياسة وحدة واستقلال الطبقة العاملة ضد كل أشكال التحالف مع البرجوازية، وضد كل مشاركة في حكومات تسير الدولة و الاقتصاد الرأسماليين متخلية عن أي نزعة أممية أو معركة للقضاء على أشكال التفاوت و الميز على أساس النوع والعرق و الدين أو التوجه الجنسي.
-
قامت الأممية الرابعة ولا زالت بدور وظيفي ليبقي حيا تاريخ التيار الماركسي الثوري و "لفهم العالم" وتفاعل تحاليل وتجارب المناضلين و التيارات او المنظمات الثورية وتجميع المنظمات والتيارات والمناضلين الذين يتقاسمون نفس الرؤية الإستراتيجية و نفس اختيارات التجميعات العريضة على أسس ثورية. إن وجود إطار عالمي يتيح "التفكير في السياسة" مكسب لا غنى عنه لتدخل الثوريين. يجب على النزعة الأممية المنسجمة مع نفسها أن تطرح سؤال إطار عالمي. لكن ليس للأممية الرابعة ، لأسباب تاريخية قامت هي ذاتها بتحليلها، الشرعية لتجسد هي ذاتها المنظمة الأممية الجماهيرية الجديدة التي نحن بحاجة إليها. لذا مذ يتعلق الأمر بالقيام بخطوة إلى أمام في تجميع قوى مناهضة للرأسمالية، لا يمكن لتلك المنظمات الجديدة بأوربا وأمريكا اللاتينية أن تندرج أو تنخرط في هذا التجمع او ذاك المنتسب إلى الأممية الرابعة، وهذا أيا كانت المرجع – مورينيون سابقون، لامبرتيون، الاتجاه الاشتراكي الأممي (حزب العمال الاشتراكي البريطاني)، اللجنة من اجل أممية عالمية (الحزب الاشتراكي البريطاني) آو تنويعات تروتسكية أخرى. نشير مع ذلك إلى فرق كبير بين الأممية الرابعة و هذه التجمعات، فضلا عن المواقف السياسية، متمثلة في قيامها على تنسيق ديمقراطي للفروع والمناضلين، فيما التجمعات العالمية الأخرى عبارة عن "أمميات-تكتلات" او تنسيقات قائمة على "أحزاب-تكتلات" لا تحترم قواعد الاشتغال الديمقراطي، لا سيما حق تكوين الاتجاهات. إن الحدود التاريخية لهذه التيارات "التروتسكية" العالمية، مثل تيارات ماوية سابقا او شيوعية سابقا- تحول اليوم دون التقدم في بلورة تجميعات عالمية جديدة. أما نداءات تشافيز او غيره إلى قيام منظمات أممية جديدة، فإنها لا تقف على الساحة ذاتها. جلي أنها تطرح مشاكل أساس سياسي ولكن أيضا مشاكل علاقات بين الدول والمنظمات. يطرح نداء تشافيز الداعي إلى تشكيل منظمة أممية خامسة مسائل أخرى حول أصلها و إطارها أي قابليتها للحياة. تؤكد الأممية الرابعة استعدادها للمشاركة في النقاشات واللقاءات التحضيرية التي قد تُنظم. سنتقدم بمكاسبنا التاريخية ورؤيتنا لما يمكن أن تكون عليه منظمة أممية جديدة و أسسها البرنامجية. لا يمكن أن تولد منظمة أممية جديدة حقيقية إلا إذا كان أعضاؤها يشتركون برنامجا، وقدرة تدخل، واشتغالا ديمقراطيا و تعدديا، وكذا استقلالا واضحا إزاء الحكومات بهدف القطع مع الرأسمالية.
في ظل ميزان القوى الراهن، يجب بالأحرى على سياسة التقدم نحو منظمة جماهيرية ان تسلك طريق ندوات مفتوحة و مركزة على مسائل سياسية مركزية- تحركات، حملات، مواضيع خاصة او نقاشات- تتيح تلاقي وبزوغ أقطاب مناهضة للرأسمالية وثورية. في هذا الاتجاه تتعامل الأممية الرابعة ايجابيا مع الاقتراحات الصادرة عن تيارات ماركسية ثورية و/أو مجموعات تشاطرنا فهما للوضع العالمي وتطمح أيضا في بناء إطارات عالمية جديدة. في الأحزاب الجديدة المناهضة للٍرأسمالية التي قد تتشكل في السنوات المقبلة وتعبر عن المرحلة لراهنة من كفاحية وتجربة ووعي القطاعات الأكثر انخراطا في السعي إلى بديل مناهض للرأسمالية، تطرح وستطرح مسألة منظمة أممية جديدة. نعمل، وسنعمل، على ألا تطرح المسألة بصيغ إيديولوجية أو تاريخية وإلا انقسمت و تفجرت. يجب أن تطرح على مستوى مزدوج، التلاقي السياسي الفعلي حول مهام التدخل العالمي وتعددية التشكيلات الجديدة التي يجب أن تجمع تيارات من أصول متباينة: تروسكيين من مختلف المشارب ، لاسلطويين، نقابيين ثوريين، قوميين ثوريين، إصلاحيين يساريين. لذا بوجه عام، لما كانت ثمة أوجه تقدم نحو أحزاب جديدة، اقترحنا أن يكون اشتغال الحزب الجديد العريض قائما على حق تكوين الاتجاهات أو التيارات، وان يتنظم أنصار الأممية الرابعة في هذه الأحزاب الجديدة بأشكال يتيعن تحديدها، حسب الأوضاع الخاصة بكل حزب. إن رفاقنا البرتغاليين في كتلة اليسار، و الدانمركيين في التحالف الأحمر والأخضر و البرازيليين في حزب الاشتراكية والحرية، منظمون بأشكال خاصة كتيارات أممية رابعة أو تيارات طبقية مع حساسيات أخرى.
-
-
- نواجه في هذه الحركة أوجه لاتزامن بين بناء الحزب على صعيد وطني و بناء تجمعات عالمية جديدة. قد تكون ثمة في الوضع الراهن، او في السنوات المقبلة، أحزاب جديدة مناهضة للرأسمالية في جملة بلدان، لكن بزوغ تجمع عالمي جديد، أو بالأحرى منظمة أممية جديدة ليس واردا في هذه المرحلة. لن تكون منظمة أممية جديدة غير نتيجة مرحلة مديدة من التحركات المشتركة و فهم مشترك للإحداث والمهام لإطاحة الرأسمالية. إن هذا، إذ يثبت ضرورة سياسة تجميع عالمي، يؤكد مسؤولية الأممية الرابعة الخاصة ومن ثمة وجوب تعزيزها. بوسعنا وبعزمنا أن نمثل إطارا تنظيميا جذابا، ديمقراطيا، لمنظمات ثورية تشترك معنا نفس المشاريع السياسية. في هذه الدينامية يتموضع رفاقنا الفيليبينيون، والباكستانيون، والروس و ربما غدا البولونيون آو الماليون، مثلا.
- إن لنا فعلا دورا خاصا اعترفت به جملة تيارات سياسية. و بوسعنا أن نكون الوحيدين القادرين على خلق تلاق لقوى سياسية من أصول متباينة. هذا مثلا ما يقول لنا بأمريكا اللاتينية رفاقنا الفنزويليون في الاتحاد الوطني للعمل، وتيارات يسارية أخرى ضمن السيرورة البوليفارية. وتلك الحال أيضا بأوربا، في إطار علاقات اليسار الأوربي المناهض للرأسمالية، وتلك المنسوجة مع تيارات أخرى. لذا نسعى إلى تلاقي كل هذه القوى. لن يكون ثمة تجاوز تنظيمي فوري. لكننا نريد أن تقوم الأممية الرابعة بدور "ميسر" للتلاقيات في أفق تجمعات عالمية جديدة.
- لهذا السبب، يستدعي توطدنا و ونهوضنا بهذا الدور تعزيز كل هيئات الأممية الرابعة: اجتماعات منتظمة للمكتب، اللجان العالمية، مجموعات العمل الخاصة، أسفار، مبادلات بين الفروع. يجب تدعيم ما قامت به الأممية من نشاط في السنوات الأخيرة، بتأمين انتظام اجتماعات المكاتب السياسية الأوربية وكذا جهود تنسيق الفروع بأمريكا اللاتينية. يجب أن يؤمن الاشتغال المنتظم لهيئات القيادة التي تنعقد كل سنة ممثلة زهاء 30 منظمة الاستمرارية – المكتب، اجتماعات المكاتب السياسية الأوربية، اللجنة العالمية- الاستمرارية لتيارنا العالمي.
-
يجب أن تعمل الأممية الرابعة ليكون لها وجود أقوى بأمريكا اللاتينية. يجب البحث عن أشكال و وسائل مساعدة المجموعات التي تتعاطف بمختلف البلدان مع مواقفنا دون أن تكون لديها ما يكفي من قدرة تنظيمية و مستوى تكوين بوجه قوى يسارية أخرى منظمة بمختلف البلدان.
نقص الموارد، وانخفاض عدد النساء، لا سيما في قياداتنا، في الفترة الأخيرة( نتيجة تراجع نشاط حركة نسوانية قوية، ما اثر على منظماتنا الوطنيةـ وبالتالي على الأممية)، كان من نتائجه أننا لم نكن قادرين على تنشيط لجنة نساء فعالة، ولا تنظيم لقاءات إقليمية و مدرسة عالمية. منذ العام 2000، نظمنا ثلاث ندوات دراسية نسائية، ولقاءات غير مختلطة مع كل اجتماع للجنة العالمية. و أتاح هذا الحفاظ على منظورات عالمية محدودة وهشة لكنها فعلية حول مسائل النساء. بالنظر إلى المكانة المركزية لفهمنا لاضطهاد النساء النوعي، والطبيعة الإستراتيجية للمعركة ضد هذا الاضطهاد، والمعارك من اجل بناء حركة نساء مستقلة تتبنى منظورات مناهضة للرأسمالية، يتعين علينا أن نجد، في المرحلة المقبلة، الموارد الضرورية لضمان أن تكون هذه المسألة عنصرا مركزيا في منظورنا المناهض للرأسمالية. يجب أيضا في هذا الإطار أن نوطد لجنتنا العالمية للنساء ونبادر إلى نقاشات حول هذا الموضوع مع شركائنا، باقتراح مشاركتهم في الندوات الدراسية و في مدارس معهدنا. ويجب أيضا القيام بهذه العملية على الصعيد الوطني.
كما يجب أن نتأكد من كون النساء في منظماتنا- وفي الأحزاب الجديدة التي نبني- يجدن مكانتهن و من ان تبنى التكافؤ او الحصص النسائية في القيادات او في قوائم الانتخابات ليس جوابا كافيا على ما يعوق مشاركتهن الكاملة في العمليات السياسية. ونشير هنا إلى أن مجموع التدابير التي تشكل خطة عمل قد قدمت للمؤتمر العالمي لعام 1991 في المقرر حول العمل الايجابي.
يجب أن يكون لمخيم الشباب المنظم كل سنة بمشاركة زهاء 500 رفيق مكانة مركزية في عمل فروعنا الأوربية الشبابي في منظور تكوين اطر أممية شابة. و فيما تنخرط أكثر فأكثر منظمتنا الأوربية في تشكيلات مناهضة للرأسمالية أوسع، نواصل تشجيع استدعاء شباب منظمات أوسع، وكذا مشاركة في الندوة الدراسية في امستردام في عطلة عيد الفصح. المخيم مناسبة هامة ليلتقي رفاقنا الأوربيون الشباب رفاق قارات أخرى و تكتسي جهود المنظمات غير الأوربية لإشراك رفاق في المخيم أهمية بالغة. وبما هو المبادرة المنتظمة الوحيدة للأممية الرابعة ، يقوم المخيم أيضا بدور مكان يمكن أن يدعى اليه شباب متحدر من المنظمات التي نقيم معها علاقات دائمة، كما فعلنا في RIJ اليونان في العام 2009 حيث حضرت وفود صغيرة من روسيا و أوكرانيا و روسيا البيضاء و بولونيا وكرواتيا.
قام معهد التكوين بتحقيق نمو جديد. يجب الآن تنظيم المدارس دوريا و الندوات و تأمين توازن تسييره وتنشيطه. كما يجب أن تفتح الأممية الرابعة اجتماعاتها و معهدها. إن للمعهد مكانة مركزية ليس في تكوين اطر الفروع وحسب بل حتى للإسهام في المبادلات بين التيارات والتجارب العالمية المختلفة. وقد كانت الندوة الدراسية حول تبدل المناخ المفتوحة بوجه عدد من الخبراء الدوليين مثالا جيدا عن ذلك. تدل الندوات المنظمة مؤخرا على ضرورة وإمكان بوتقة بلورة برنامجية حول المسائل الأساسية التي تطرحها التيارات الثورية والمناهضة للرأسمالية.
ويمثل وجود مدرسة عالمية بالفلبين أداة بالغة الأهمية لتكوين أجيال مناضلين ثوريين جديدة قادمة من آسيا برمتها ولتقاسم تجاربهم. وقريبا ستفتح مدرسة في إسلام أباد بباكستان ستوسع قدرتنا على تكوين مناضلين و تنظيم نقاشات سياسية في آسيا الجنوبية. و يجب على الأممية الرابعة ان تمنح دعمها التام لمعهدي مانيلا وإسلام آباد. لقد كانت مدارسنا على الدوام مناسبات لدعوة منظمات نسعى إلى علاقات دائمة معها. وهذا ما نروم توطيده وتوسيعه مستقبلا.
باختصار، في الأزمنة المقبلة و في منظور يرمي إلى بناء تجمع عالمي جديد أو منظمة أممية جديدة، تمثل الأممية الرابعة - بما هي إطار عالمي- مكسبا أساسيا للماركسيين الثوريين.
==========
صودق على هذا المقرر بنسبة 90,82 بالمائة من الانتدابات مقابل 8,16 ضده، و 1,02 امتناع